الأمير…الجزء الثانى

الأمير - رواية رومانسية - بقلم وليد توفيق

انطلقت سيارة الصديقتان (أحلام) و (هيام) فى طريقها نحو ذلك الجزء المنعزل الساحرعلى شاطئ البحر، فى ذلك الوقت قبل الغروب كالعادة، وقد بدت (هيام) وكأنها بدأت تحب ذلك المكان كصديقتها، حيث لم تعد تتهكم كثيرا عليه كما كانت تفعل سابقا، بل ظلت صامتة طوال الطريق وهى تقود السيارة بدلا من (أحلام) والتى بهدوئها المعهود لاتحب قيادة السيارات…

وصلت السيارة الى المكان المعتاد، نزلت الصديقتان منها وفتحا الحقيبة الخلفية ليخرجا مقعدين صغيرين من تلك المخصصة للبحر، قبل أن تتجها للصعود الى مكانهماعلى القمة…

كان المكان يبدو كصخرة متسعة ترتفع تدريجيا حتى تصل الى قمة عالية منبسطة تطل على البحر كله فى منظريستحق الاعجاب والانبهار، خاصة مع قرص الشمس الذى يزين الشفق فى لون احمر مهيب أضفى على المكان سحرا لامثيل له…

خيم الصمت على الصديقتان وكلا منهم تتطلع الى ملامح الغروب الساحرة، قبل أن تتحدث (هيام) قائلة فى مرح:
“يؤسفنى ان أقول هذا ولكن…يبدو أن جنونك بهذا المكان قد انتقل لشخص آخر”

ابتسمت (أحلام) وهى تتسائل متصنعة الجهل بذلك الشخص:
“ومن ياترى ذلك الشخص؟”

” أنا…”
شهقت الصديقتان فى ذعر، وهما تلتفتان معا فى حدة إلى مصدر ذلك الصوت الذكورى الغليظ الذى جاء من خلفهما قبل أن تصرخ هيام فى رعب وفزع وتسقط فاقدة الوعى، فى حين وضعت (أحلام) يدها على فمها وهى تكتم صرخاتها ويرتفع صوت أنفاسها فى رعب وخوف…

فأمام عينيها المليئتين بالرعب، كان هناك رجلا ضخما غليظ الملامح ينظراليها فى وحشية ويمسك بمسدس ضخم فوهته القاتلة مصوبة مباشرة إلي رأسها…

***

تجمد المشهد لثوان قبل أن يبتسم الرجل ابتسامة مقيتة وهو ينظر الى جسد (هيام) فاقدة الوعى :
” صديقتك ضعيفة القلب جدا، هل فعلت شيئا يخيفها؟!”

خرجت الحروف من بين شفتى (أحلام) بصعوبة وهى تقول فى خوف:
” من… من أنت؟! ماذا تريد منا؟! “

ضحك الرجل فى وحشية وهو يقول:
” يالك من فتاة غبية، رجل يمسك بمسدس ويصوبه إلى وجهك الجميل، من يكون إذاً؟ ضابط شرطة؟! “

لم تدر (أحلام) كيف استطاعت ان تستجمع شجاعتها وهى تقول:
“إذاً أنت لص… قاطع طريق و مجرم”
زمجر الرجل فى وحشية وهو يقول:
” رددى كلمة مجرم هذه مرة اخرى وأزين وجهك برصاصتين”

أرتمت (أحلام) على مقعدها وانكمشت على نفسها وهى تكرر فى خوف:
” من أنت؟”

عاد الرجل لضحكاته الوحشية قبل أن يقدم نفسه فى لهجة مسرحية:

” أعرفك بنفسى..شوقى كامل..رجل أعمال..متخصص فى المخدرات.. “

ارتعشت (أحلام) مع جملته فيما واصل هو:

” لقد كنت فى طريقى إلى موعد عمل قبل أن أرى سيارة أمامى بها فتاتين فاتنتين تنحرف عن الطريق الرئيسى إلى طريق مهجور..فخمنت أنكما اثنتان من فتيات الليل ذاهبتين لزبائن فى إنتظاركما هنا, فقررت أن أتطوع لأفسد الليلة السعيدة عليكم..و كذلك أحصل على هذه السيارة المثيرة..لا أعرف كيف استطعتما أن تحصلا على سيارة باهظة الثمن مثل هذه..بالتأكيد أنتما من بنات الليل المحترفات و….”

قاطعته (أحلام) وهى تقول فى غضب واحتقار:
” اصمت أيها الحقير…بنات الليل هؤلاء تعرفهم أنت فى بيئتك القذرة أيها المجرم”
بهت الرجل لثوانى وهو يحدق فى وجه (أحلام) فى ذهول وهو يتعجب كيف استطاعت أن تقول هذا وهو يصوب فوهة مسدسه إلى رأسها، وكاد ينطلق فى ثورة نحوها، قبل ان يتوقف قليلا ثم يعود لوحشيته قائلا:
“حسنا يافتاة…مادمت تعلمين أنى أعرف بنات الليل فى بيئتى القذرة، فيجب ان تعلمى كذلك أنى مللت منهن……”

ثم تابع وهو يتفحص (أحلام) بعينيه فى وحشية ذئب يتفحص فريسته:
“وأحتاج إلى بعض التغيير”
قامت (أحلام) من مقعدها فى فزع وأخذت تتراجع فى خوف، قبل أن يقول الرجل فى سخرية:
“تراجعى خطوة أخرى وستوفرى على ثمن الرصاصة”

تنبهت (أحلام) و شهقت فى رعب وهى تنظر الى الحافة العالية خلفها والبحر العميق متلاطم الأمواج تحتها، قبل أن تنظر الى ابتسامة الرجل الخبيثة كالذئب وهو يقول:
“لاتخافى، فأنتِ لستِ النوع الذى أفضله…”
ثم نظر إلى جسد (هيام) الساكن وهو يتابع:
“صديقتك تبدو لى أكثر اثارة منكِ… كما أنها بالتأكيد لن تكون سليطة اللسان مثلك وهى فاقدة الوعى…أما أنتِ أيتها الغبية فستندمين ألف مرة على ماقلتيه لى…”

ثم تابع فى مقت ووحشية وهو يصوب فوهة مسدسه نحو رأسها:
” سيكون لديك الوقت الكافى لذلك…فى الجحيم! ولاتنسى أن تبلغى الشياطين تحياتى…”
صرخت (أحلام) فى فزع، وأخذت ترتعش فى خوف وهى تنظر إلى فوهة المسدس القاتلة ووجه الرجل المقيت وابتسامته الوحشية و كأنه يستمتع بخوفها قبل أن يهتف قائلا:
” الوداع!”

و ضغط الرجل الزناد…

ودوى صوت الرصاصة فى قوة، قبل أن يعم الهدوء المكان …
الهدوء التام!

اترك رد